ب : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١).
أيّ عرّفنا الإنسان طريق الخير وطريق الشر. وليس المراد التعرّف عليهما عن طريق الأنبياء بل تعريفهما من جانب ذاته سبحانه ، وان لم يقع في إطار تعليم الأنبياء ، وذلك لأنّه سبحانه يقول قبل هذه الآية : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ* ... أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٢) فالكل من معطياته سبحانه عند خلق الإنسان وإبداعه.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ النظرية التي اكتشفها علماء معرفة النفس ممّا ركّز عليها الوحي بشكل واضح ، وحاصلها أنّ الدين بصورته الكلية أمر فطري ينمو حسب نموّ الإنسان ورشده ، ويخضع للتربية والتنمية كما يخضع لسائر الميول والغرائز.
وأنت إذا أمعنت في هذه الأحاسيس الداعية إلى الخير والفلاح ، والعوامل الثلاثة المكوّنة للشخصية التي ربّما تجاوبها وتلائمها كما أنّه ربّما تخالفها وتناقضها ، تجد الإنسان تارة يعيش في جو مادي ، وأخرى في جو صراع وتناقض ، ومع ذلك
__________________
(١). البلد : ١٠.
(٢). البلد : ٤ ـ ٩.