نعم كما أنّ للوجود مراتب شديدة وضعيفة ، فهكذا للأثر مراتب حسب مراتب الوجود.
وعلى ضوء ذلك يبطل حصر التأثير على وجه الإطلاق بالمرتبة الشديدة ، وسلب أيّ تأثير عن غيرها ، بل لازم وحدة الحقيقة ، اشتراك المراتب حسب قوتها وضعفها في الآثار.
وهذا البرهان يبطل نظرية الأشاعرة ، حيث أنكروا النظام العلّي في المراتب الإمكانية ، وحصروا العلّية على وجه الإطلاق بالله سبحانه ، وعطّلوا عالم الوجود الإمكاني عن أيّ تأثير ، وقالوا جرت عادة الله على خلق الحرارة عند وجود النار ، من دون أيّ رابطة بين النار وحرارتها ، وهكذا الماء والبرودة ، مع أنّ سنّة الله جرت على إدارة الكون ، في ظل الأسباب والمسبّبات ، فقد جعل لكلّ شيء سببا ، وجعل لكلّ سبب قدرا.
وعلى ضوء هذا لا يصح فصل فعل العبد عنه بتخيّل انّ نسبته إليه ، يزاحم التوحيد الافعالي ، وذلك لأنّ تأثيره في مقام الإيجاد ظلّي تبعيّ ، وتأثيره سبحانه في الكون أصليّ استقلالي ، فلا منافاة بين النسبتين لانهما طوليتان لا عرضيتان ، فالفعل مستند إلى الله من جانب لأنّه مفيض الوجود من البداية إلى النهاية ، والعالم وما فيه قائم بوجوده ، وفي الوقت نفسه مستند