ورد في الكتاب العزيز ، وربّما صار مستمسكا للجبر. فنقول :
قد ورد في الذكر الحكيم آيتان :
الآية الأولى :
قال سبحانه : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١).
وقد استدلّ الرازي بهذه الآية على الجبر الأشعري ، الذي كان يتبنّاه وقال : اعلم أنّه تعالى حكم الآن على بعض أهل القيامة بأنّه سعيد ، وعلى بعضهم بأنّه شقي ، ومن حكم الله عليه بحكم وعلم فيه ذلك الأمر ، امتنع كونه بخلافه ، وإلا لزم أن يصير خبر الله تعالى كذبا وعلمه جهلا ، وذلك محال ، فثبت انّ السعيد لا ينقلب شقيا ، وانّ الشقي لا ينقلب سعيدا. (٢)
إنّ كلام الرازي يحتمل وجهين :
١. يعتمد في استدلاله على الجبر بعلمه سبحانه بأنّ الناس
__________________
(١). هود : ١٠٥ ـ ١٠٨.
(٢). الرازي : مفاتيح الغيب : ٥ / ٩٣ ، ط ١ ـ ١٣٠٨ ه