الشيخ : عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين : (ومعنى هذه الجملة : انّي لم أقم بعمل اختياري ، ولأجل ذلك احتسب عنائي عند الله) فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «يا شيخ ، فو الله لقد عظّم الله لكم الأجر في مسيركم ، وأنتم سائرون ، وفي مقامكم إذ أنتم مقيمون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، لم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليه مضطرين».
فقال الشيخ : فكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ، ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟! فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أتظن أنّه كان قضاء حتما وقدرا لازما ، إنّه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي ، والزجر من الله تعالى وسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم تكن لائمة للمذنب ، ولا محمدة للمحسن ، ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، وتلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن ، وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمّة ومجوسها ، وانّ الله كلّف تخييرا ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يملك مفوضا ، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا ، ولم يبعث النبيّين مبشّرين