له. وقال سبحانه : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) (١).
وفي قوله سبحانه : (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) إشارة لطفية إلى أنّ التقدير لا يسلب منه الاختيار ، وفي وسع الإنسان أن يبطل بعض التقدير أو يؤيّده ويدعمه فيذهب عن نفسه العاهة أو يؤكّدها ويثبتها.
وأمّا قضاؤه ، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه ، فما لم يتم لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها فإنّها تبقى على حال التردّد بين الوقوع واللاوقوع ، فإذا تمت عللها وعامة شرائطها ولم يبق لها إلّا أن توجد ، كان ذلك من الله قضاء وفصلا لها من الجانب الآخر وقطعا للإبهام.
التقدير مقدّم على القضاء
إذا كان التقدير بمعنى تحديد وجود الشيء ، والحد ما يتحدّد به الشيء فهو مقدّم على القضاء بمعنى ضرورة وجوده ، لأنّ الشيء انّما يتحدّد ، بكل جزء من أجزاء العلّة فإنّ كل واحد منها يؤثر أثره في المعلول على حدته. فحيث إنّ أجزاء العلّة
__________________
(١). عبس : ١٩ ـ ٢٠.