الإنسان ، قال سبحانه : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (١).
فكيف الجمع بينهما؟
أقول : إنّ اتضاح معنى الآيتين رهن مقدمة وهي :
دلّت البراهين على أنّ الكمالات كلّها راجعة إلى الوجود إذ مقابلها ـ أعني الماهيّات والأعدام ـ لم تشم رائحة الوجود والكمال إلّا بالعرض ويترتّب عليه أمران :
١. إنّه سبحانه صرف الوجود وإلّا لزم التركيب من الوجود وغيره وهو مستلزم للإمكان ، لأنّ كلّ مركّب محتاج إلى أجزائه ، والحاجة نفس الإمكان أو لازمه.
٢. إنّ شأنه سبحانه إفاضة الوجود على كل موجود وهو كلّه خير محض والشرور والأعدام وكذا الماهيات غير مجعولة ، وأمّا ما يشتمل عليه من الشرور والنقائص فهي من لوازم درجة الوجود ومرتبته. فكل موجود من حيث اشتماله على الوجود خير وحسن وليس فيه شرّ ولا قبح ، وإنّما يعرض له الشرّ من حيث نقصه عن التمام أو من حيث منافاته لخير آخر وكل منهما
__________________
(١). النساء / ٧٩.