وأبعاضها ، بل إنّما يصحّ تحليلها إلى أجزائها وأبعاضها المتقدّمة والمتأخّرة بالمكان». (١)
يلاحظ عليه : أنّ المعلّم الثالث مع ماله من العظمة والجلالة اشتبه عليه الأمر ، ومنشأ الاشتباه هو الخلط بين الحقائق والاعتباريات ، فإنّ الإرادة والعلم بالشيء والعلم بذواتنا صفات وجودية لا بدّ لها من علّة موجدة حتى يستند كلّ إليها ، وحينئذ فالعلّة التي أوجدت الإرادة في أنفسنا إمّا إرادة أخرى غير منتهية إلى حدّ يلزم التسلسل ، أو كانت منتهية إلى إرادة غير مسبوقة بإرادة أخرى من إرادة الواجب أو الممكن فيلزم الاضطرار ولا يمكن أن تكون علة الإرادة نفسها بالضرورة ونظير ذلك ، اللزوم بين العلّة والمعلول فهو أمر حقيقي يقوم بعلّة.
نعم إذا لاحظنا العلم بالعلم أو لزوم اللزوم ، بحيث صار العلم الأوّل طرفا ومعلوما بهذا اللحاظ وخرج اللزوم الأوّل عن الوسطية وصار موضوعا ، فيعتبر علم آخر ولزوم ثان بينها وبين الموضوع وينقطع بانقطاع الاعتبار ، وهذا ما يقال من أنّ التسلسل في الأمور الاعتبارية غير مضرّ لقوامه بالاعتبار وينتفي بانتفائه ، وكم له من نظير مثل موجودية الموجود
__________________
(١). الأسفار : ٦ / ٣٨٩.