تخصيص أحدهما دون الآخر أمر وجوديّ لا يفارق العلة فمن قال بجواز الترجيح بلا مرجح ، فقد جوّز تحقّق أمر وجوديّ وهو تخصيص أحدهما دون الآخر بلا علة ، وما مثل برغيفي الجائع أو طريقي الهارب فثمة مرجّحات خفية لا يلتفت إليها الإنسان بتفصيل ، كأن يختار ما يقع في جانب اليمين على ما في جانب اليسار ، او يختار أوّل ما تطرف إليه عيناه ، إلى غير ذلك من المرجحات التي ربّما تخفى على الإنسان إلّا بعد الإمعان والدقة.
وثانيا : أنّ ترجيح أحد الفعلين متقدّم على تعلّق إرادته بالإيجاد فهو يرجّح أوّلا ثم يريد الإيجاد ، فعند ذلك يأتي دور قاعدة «الشيء ما لم يجب لم يوجد» فاختيار الفعل عن ترجيح متقدم على الإرادة ثم الإيجاب والوجوب ، فكيف يناط وجوب المعلول وعدمه بشيء لا دخل له فيه؟
وإن شئت قلت : إنّ النفس بعد اختيارها إيجاد شيء بأيّ نحو حصل ، يكون فاعلا موجبا للإرادة أوّلا ، وفاعلا موجبا بتوسّط الإرادة لتحريك العضلات ثانيا ، وفاعلا موجبا بالمعلول الخارجي ثالثا ، فجواز الترجيح بلا مرجّح وعدمه المتقدم على مسألة الإيجاب والوجوب لا صلة له بالقاعدة.