الرباني وعلى ذلك يكون علمه بصدور كل معلول عن علّته مؤكّدا للاختيار ، لا سالبا له ، إذ معناه أنّه تعلّق علمه بصدور كل فعل عن فاعله فلو كان الفاعل مضطرا تعلّق علمه بصدوره عنه على وجه الاضطرار ، ولو كان فاعلا مختارا تعلّق علمه بصدوره عنه كذلك ، فالنظام الكياني بوجوده وصفاته ، متعلّق علمه ، ولو صدر فعل الفاعل الاختياري عنه على وجه الاضطرار لزم تخلّف علمه عن معلومه.
وإن شئت قلت : إنّ كلّ ما يوجد من الكمال والجمال فهو من صقع وجوده وتجلّيات ذاته وإنّ ما في دار الوجود من النظام الأتمّ فهو عين علمه الفعلي إلّا أنّه لا يلازم الاضطرار ، لأنّ كل مرتبة متعلّقة متدلّية بتمام هويتها لما فوقها ، بحيث لا يمكن التجافي عنها ولا التنزّل إلى ما دونها ومعنى ذلك تعلّق علمه بصدور كلّ مسبّب عن سببه ، والمعلول عن علّته على النظام الخاص ولم يتعلّق علمه بصدور كلّ معلول عن علّته فقط ، وإنّما تعلّق بصدور كلّ معلوم عن علته على الوصف الخاص لها من اضطرار واختيار ، فالقول بعلمه العنائي ، وأنّ النظام الكياني تابع للعلم الرباني مع التحفّظ على نظام العلل والمعاليل يؤكّد الاختيار وينفي الاضطرار.