جعفر ، حتّى ظهر أمر بني العبّاس» (١).
وقد صرّح أمين الخَوْلي (ت / ١٣٨٥ ه) ، بأنّ امتناع مالك بن أنس من الرواية عن الإمام الصادق عليهالسلام في عهد الأمويّين ، إنّما كان لخشيته منهم (٢).
أقول : وُلد الإمام مالك بن أنس سنة ٩٣ ه ، وتوفّي سنة ١٧٩ ه ، فكان عمره خمساً وثمانين سنة ، أدرك فيها إمامة الباقر عليهالسلام كلّها من سنة ٩٥ هإلى سنة ١١٤ ه ، كما أدرك فيها إمامة الصادق عليهالسلام البالغة أربعاً وثلاثين سنة كلّها ، من سنة ١١٤ هإلى سنة ١٤٨ ه ، كانت منها ثمان عشرة سنة في عهد الامويّين الذين انقرضوا سنة ١٣٢ ه.
وهذا يعني ملازمة الإمام مالك للتقيّة في عدم الرواية عن الإمام الصادق مدّة ثمان عشرة سنة كاملة ، على الرغم من كونهما يقطنان في المدينة المنوّرة ، ولم يفصل مالك بن أنس عن الصادق زمان ولا مكان ، غير سطوة الامويّين وبطشهم الذي خافه مالك بن أنس ، لا سيّما وأنّ موقف الامويّين من أهل البيت عليهمالسلام معروف لكل أحد.
الموقف الثاني مع العباسيّين :
انّ سيرة الإمام مالك تثبت انّه كان يستعمل التقية في ظلّ الدولة العباسية ، وعلى نطاق أوسع منه في العهد الأمويّ ، فقد روى المؤرّخون موقفه من خروج محمّد النفس الزكية سنة ١٤٥ ه على المنصور ، وخلاصة هذا الموقف انّه كان مضطراً إلى أن لا يسهم في هذه الثورة التي أيّدها مشايخه كالتابعي
__________________
(١) ميزان الاعتدال / الذهبي ٤١٤ : ١ / ١٥١٩.
(٢) مالك بن أنس / أمين الخَوْلي : ٩٤.