ثانياً السُّنّة المطهّرة القولية والفعلية
ورد مفهوم التقية في كثير من النصوص المخرجة في كتب الصحاح والمسانيد ، وكتب السيرة وقد اسندت إلى النبيّ (ص) ، وسنذكر منها ما يصحّ الاحتجاج به على مشروعية التقية ، وعلى النحو الآتي :
١ ـ أخرج البخاري (ت / ٢٥٦ ه) من طريق قتيبة بن سعيد ، عن عروة بن الزبير أنّ عائشة أخبرته أنّ رجلاً استأذن في الدخول إلى منزل النبيّ (ص) ، فقال (ص) : «ائذنوا له فبئس ابن العشيرة ، أو بئس أخو العشيرة ، فلمّا دخل الآن له الكلام. فقلت له : يا رسول الله قلت ما قلت ثمّ ألنت له في القول؟ فقال : أي عائشة ، إنّ شرّ الناس منزلة عند الله من تركه أو ودَعَهُ الناس اتّقاء فُحشه» (١).
وهذا الحديث صريح جداً بتقيّة رسول الله (ص) من أحد رعيته لفحشه ، فكيف إذاً لا تجوز تقية من هو ليس بنبي من المسلم الظالم المتسلّط الذي لا يقاس ظلمه مع ضرر كلام الفاحش البذيء؟
٢ ـ الحديث المشهور بين علماء المسلمين : «رفع الله من امّتي الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه» (٢).
__________________
(١) صحيح البخاري ٣٨ : ٨ كتاب الإكراه ، باب المداراة مع الناس ، سنن أبي داود ٢٥١ : ٤ / ٤٧٩١ و ٤٧٩٢ و ٤٧٩٣ ، ورواه محدّثو الشيعة الإمامية أيضاً باختلاف يسير كما في اصول الكافي / الكليني ٢٤٥ : ٢ / ١ كتاب الإيمان والكفر ، باب من يتّقى شرّه.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ابن حجر العسقلاني ١٦٠ : ٥ ١٦١ ، مسند الربيع بن حبيب ٩ : ٣ ، تلخيص الحبير / ابن حجر ٢٨١ : ١ ، كشف الخفاء / العجلوني ٥٢٢ : ١ ، كنز العمال / المتّقي الهندي ٢٣٣ : ٤ / ١٠٣٠٧ ، الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة / السيوطي : ٨٧.