بدور التقية والكتمان ، إذ لا يعقل ظهورها وبهذا الحجم الذي أرعب الكثير من الدوائر الاستعمارية كان فجأة وبلا استعداد وتنظيم.
١٣ ـ أخرج البخاري من طريق عبد الوهاب ، عن أبي مليكة قال : «إنّ النبيّ (ص) اهديت له أقبية من ديباج مزرّرة بالذهب ، فقسّمها في ناس من أصحابه ، وعزل منها واحداً لمخرمة ، فلمّا جاء ، قال : خبّأت هذا لك.
قال أيوب (أحد رجال اسناد البخاري) بثوبه أنّه يريد إيّاه ، وكان في خُلُقِه شيء» (١).
قال محمّد بن يوسف الكرماني (ت / ٧٨٦ ه) في شرح صحيح البخاري : «أيوب بثوبه : أي : متلبساً به ، حالاً عن لفظ خبّأت ، يعني : قال رسول الله (ص) : خبّأت هذا الذهب لك ، وكان ملتصقاً بالثوب ، وإن رسول الله (ص) كان يُرى مخرمة إزاره ، ليطيّب قلبه به ، لأنّه كان في خُلُق مخرمة نوع من الشكاسة.
ولفظ : (قال بثوبه) معناه : أشار أيّوب إلى ثوبه ليستحضر فعل النبيّ (ص) للحاضرين ، قائلاً : انّه يُرى مخرمة الإزار» (٢).
أقول : ربّما يقال انّ الحديث ليس فيه ما يدلّ على تقية النبيّ (ص) من مخرمة ، لأنّه (ص) لم يظهر لمخرمة إلا الواقع ، فأين التقية في هذا الحديث؟
والجواب : إنّ في هذا الحديث مداراة واضحة ، والمداراة تدخل في باب التقية ، بل لا فرق بينهما كما يظهر من كلام السرخسي في حذيفة بن اليمان
__________________
(١) صحيح البخاري ٣٨ : ٨ كتاب الأدب ، باب المداراة مع الناس.
(٢) صحيح البخاري بشرح الكرماني / الكرماني ٧٢٢ / ٥٧٥٦ كتاب الأدب ، باب المداراة مع الناس.