الموقف الثالث في تأليف الموطّأ :
انّ تقيّة الإمام واضحة كالشمس في تأليفه كتاب الموطّأ ، إذ تجنّب فيه الرواية عن أهل البيت عليهمالسلام إلا لماماً ، ويكفي انّه لم يرو شيئاً في الموطأ عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، بل ولم يذكره في حلقته ، ولمّا سُئل عن ذلك؟ أجاب بأنّه يعني عليّاً عليهالسلام لم يكن في المدينة (١).
ولموقف الإمام مالك من عليّ عليهالسلام تفسيران لا ثالث لهما ، وهما :
الأوّل : ما ذكره القاضي عياض (ت / ٥٤٤ ه) في ترتيب المدارك ٣٣٠ : ١ وأبو زهرة في مالك بن أنس ص : ٢٨ ، وأمين الخولي في مالك بن أنس ص : ٤١٨ ، ولا أحب الخوض في تفصيلاته ، ومن رام الوقوف عليه فليرجع إلى مصادره ومراجعه ، على أنّ خلاصته هو اجتهاد مالك في هذا الشأن
الثاني : هو التقية من المنصور في ذلك ، إذ لا خلاف بين الباحثين على أنّ المنصور العبّاسي كان يراسل محمّد النفس الزكية بما ينال من منزلة الإمام عليّ عليهالسلام كما نصّ عليه الطبري في تاريخه (٢) ، وليس من السهل على الإمام مالك أن يعارض المنصور في ذلك ، وهذا هو التوجيه المقبول عند كلّ من يحسن الظنّ بالإمام مالك.
الموقف الرابع تصريحه بالتقيّة :
وخير ما يمثّله رأيه في طلاق المكره حيث كان لا يجيزه ، ويعدّه باطلاً ،
__________________
(١) موقف الخلفاء العباسيّين من أئمّة أهل السُنّة الأربعة / الدكتور عبد الحسين علي أحمد القطري : ص ١٧١ نقله عن تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٦٣.
(٢) تاريخ الطبري ٥٧٠ : ٧ في حوادث سنة (١٤٥ ه).