الناس بالخروج معه على المنصور العباسي (١) ولما انتهت ثورة إبراهيم بقتله سنة (١٤٥ ه) تولّى الإمام أبو حنيفة وبنفس السنة المذكورة مهمّة الإشراف على ضرب اللِّبن وعدِّ لبناء مدينة بغداد بأمر المنصور العباسي (٢).
ولا شكّ أنّه كان كارهاً لذلك ، ولكنّه اتّقى المنصور في هذا العمل الذي انيط له من قِبل المنصور الذي علم بموقف أبي حنيفة من إبراهيم ، فحاول أن يجد مبرّراً لقتله ، ولكن الإمام عرف ذلك منه فاتّقاه في هذه المشاركة.
الموقف الخامس في قبوله قضاء الرصافة :
ذكرنا انّ أبا حنيفة كان يأبى تولّي أي منصب من مناصب الدولتين الاموية والعباسيّة ، ولكن في رواية الخطيب البغدادي (ت / ٤٦٣ ه) ، وابن خلكان (ت / ٦٨١ ه) انّ أبا حنيفة قد جلس في القضاء في آخر أيام حياته بعد الضغط الشديد عليه ، بحيث لم يجد من ذلك مفرّاً.
فقد ذكرا انّ المنصور لمّا أتمّ مدينة بغداد ، أرسل إلى أبي حنيفة وعرض عليه قضاء الرصافة ، فأبى ، فقال المنصور : إن لم تفعل ضربتك بالسياط!!
قال أبو حنيفة : أوَتفعل؟
قال : نعم.
فقعد أبو حنيفة في القضاء يومين ، فلم يأته أحد ... فلمّا مضى يومان اشتكى أبو حنيفة ستّة أيّام ثمّ مات (٣).
__________________
(١) العِبر في خبر من غبر / الذهبي ١٥٥ : ١ في حوادث سنة (١٤٥ ه).
(٢) تاريخ الطبري ٤٥٩ : ٤ في حوادث سنة (١٤٥ ه).
(٣) تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ٣٢٩ : ١٣ ، ووفيات الأعيان / ابن خلّكان ٤٧ : ٥.