وقوع صاحبها في ضيق لا يسعه الخروج منه بدونها ، ولهذا كانت هذه الآية من نِعَمِ الله تعالى على امّة محمّد (ص) ، كما صرّح بذلك علماء أهل السُّنّة.
قال القرطبي المالكي (ت / ٦٧١ ه) : «وهذه الآية تدخل في كثير من الأحكام ، وهي ممّا خصّ الله بها هذه الامّة.
روى معمّر ، عن قتادة قال : اعطيت هذه الامّة ثلاثاً لم يُعطَها إلا نبيّ : كان يقال للنبيّ : اذهب فلا حرج عليك ، وقيل لهذه الامّة : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)» (١).
الآية الثامنة :
قال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٢).
إنّ دلالة هذه الآية على وجوب تمسّك المسلم بالأخلاق الفاضلة ومراعاة شعور الآخرين ، ومقابلة الإساءة بالإحسان ، وردّ الباطل بالحقّ ، والتسامح مع الآخرين ، لا يكاد يشكّ فيه أي مسلم كان ، وهذا المعنى ممّا اتّفق عليه المفسّرون عن بكرة أبيهم.
ولا شكّ أنّ هذه الامور التي دلّت عليها الآية الكريمة تدخل بقدر ما في باب المداراة ، والمداراة هي من التقية اتفاقاً.
على أنّ هناك الكثير من الآيات الاخر التي تقرّب إلى الأذهان مشروعيّة
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠٠ : ١٢.
(٢) فصّلت ٣٤ : ٤١.