الموقف الأوّل : مع هارون الرشيد في ذمّ العلويين!
المعروف بين سائر المؤرّخين ، أنّ الإمام الشافعي قد مكث مدّة في اليمن ، وأكثر قبائل اليمن تميل إلى العلويّين ، مع ميل الشافعي نفسه إلى العلويّين ، ومن هنا جاءت محنته ، بل واتّهم بالتشيّع أيضاً.
ولم يكن ذلك خافياً على جواسيس الرشيد ، فقد كتب إليه حمّاد البربري من اليمن رسالة يخوّفه فيها من العلويّين ، ويحذّره أشد التحذير من الشافعي ، حتّى ذكر له بأن ما يخرج من لسان الشافعي هو أشدّ من سيف المقاتل!
ولهذا أمر الرشيد أن يُحمل الشافعي مع بعض العلويّين إلى بغداد (١).
ولمّا وصلوا إلى بغداد أمر الرشيد بقتل العلويّين جميعاً فقتلوا حالاً ، وأمّا الشافعي فقد قال كلاماً تقيّة لا يعبّر عن واقع قال : «أأدع من يقول إنّي ابن عمه ، وأصير إلى من يقول إنّي عبده» (٢).
وقد ترك هذا الكلام أثراً في نفس الرشيد فعفا عنه.
الموقف الثاني : رأيه في خلافة هارون الرشيد.
وهذا الموقف أوضح من الأوّل في التقيّة ، وهو ما أورده أبو نعيم الأصبهاني (ت / ٤٣٠ ه) في حلية الأولياء في خبر طويل خلاصته :
إنّ الشافعي احضر يوماً وهو مقيّد في الحديد إلى مجلس هارون الرشيد ، وكان في المجلس بعض خصومه ، منهم بشر المريسي المعتزلي (ت / ٢١٨ ه)
__________________
(١) مناقب الشافعي / البيهقي ١١٢ : ١.
(٢) م. ن : ١١٢.