وقال المفسّر المعاصر محمد علي الصابوني الوهابي : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ..) : «أي : إلا من تلفّظ بكلمة الكفر مكرهاً ، والحال أنّ قلبه مملوء إيماناً ويقيناً .. قال المفسّرون : نزلت في عمار بن ياسر ، أخذه المشركون فعذّبوه حتى أعطاهم ما أرادوا مكرهاً» (١).
ثمّ أورد قصّة عمار بن ياسر ، وتقيته من المشركين على نحو ما مرّ في كلام من سبق من المفسّرين.
الآية الثالثة :
قال تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (٢).
اتّفق مفسّرو المذاهب والفرق الإسلامية على أنّ هذا الرجل الذي قال هذا القول فيما حكته هذه الآية الشريفة كان قد آمن بنبوّة موسى ولكنّه كان يكتم إيمانه خوفاً على نفسه من فرعون وأعوانه ، وقد روى بعضهم كما سيأتي أنّه قد كتم إيمانه مائة عام ، واختلفوا في من هو هذا الرجل ، والظاهر من أقوال أكثر المفسّرين أنّه كان ابن عمّ فرعون ، وممّا يؤيد قولهم إنّ لفظ (الآل) يقع عليه (٣).
وسبب قوله هذا إنّه علم بما قاله فرعون لقومه في موسى عليهالسلام ، كما حكاه
__________________
(١) صفوة التفاسير / الصابوني ٢٢٧ : ٢.
(٢) غافر ٢٨ : ٤٠.
(٣) التفسير الكبير / الرازي ٥٦ : ٢٧ ، والكشاف / الزمخشري ٤٢٥ : ٣.