الموقف الرابع : في جارية عيسى بن جعفر.
أفتى أبو يوسف في جارية عيسى بن جعفر حيث امتنع عيسى أن يهبها للرشيد لما سبق منه من يمين بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك على أن لا يبيع هذه الجارية ولا يهبها لأي إنسان مهما كان ، وكانت الفتيا أن قسّم الجارية نصفين لكي يهب عيسى بن جعفر نصفها للرشيد ويبيع النصف الآخر ، وبهذا يخرج من يمينه ، لأنّه لم يحلف على هذا ، ولقد كانت جائزة هذه الفتيا مائتي ألف درهم ، وعشرين تختاً ثياباً (١).
ولعلّ قساوة قول ابن السمّاك في حقّ أبي يوسف جاءت من هذا الباب (٢).
الموقف الخامس : في افتائه بجواز التقية في الدماء
وهو ما سيأتي في الفصل الثالث في فقه الأحناف ، حيث سنقف على فتياه هناك في جواز التقية في الدماء فيما سجّلته أهمّ كتب الأحناف الفقهيّة ، ويمكن أن يقال انّ التقيّة كانت وراء هذه الفتيا ، لأنّ قاضي القضاة أبا يوسف لم يكن بعيداً عن الدماء التي أهرقها الرشيد وأبوه من قبل ، وهذا يعني أنّ الإفتاء بوجوب القصاص من المكرِه والمكرَه ، أو أحدهما عند القتل ، هو بمثابة الحكم بوجوب قتل هارون الرشيد ، وأبيه وجلاديهم ، وهذا ممّا يتعذّر صدوره من قاضي القضاة.
٦٤ ـ أبو الفضل الهاشمي (ت / ١٨٦ ه) :
ذكر ابن قتيبة الدينوري (ت / ٢٧٦ ه) في عيون الأخبار ، أنّ محمّد بن
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢٥٠ : ١٤.
(٢) راجع ما قاله ابن السمّاك في تاريخ بغداد ٢٤٥ : ١٤.