في بيانه مراتب الإكراه ، ومردود أيضاً بما تقدّم من أقوال سائر من ذكرنا من المفسّرين والفقهاء ، ومردود أيضاً بما سيأتي من أقوال مفسّري أهل السُّنّة لا سيّما الشافعية في تفسيرهم لهذه الآية ، فترقّب.
وقال ابن جُزي الكلبي الغرناطي المالكي (ت / ٧٤١ أو ٧٤٧ ه) : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) : «استثنى من قوله : (من كفر) ، وذلك إنّ قوماً ارتدّوا عن الإسلام ، فنزلت فيهم الآية ، وكان فيهم من أُكرِه على الكفر فنطق بكلمة الكفر وهو يعتقد الإيمان ، منهم : عمار بن ياسر ، وصهيب ، وبلال ، فعذرهم الله» ، ثمّ فصّل قصّة عمار بن ياسر ، وما قال له النبيّ (ص) على النحو المتقدّم من أقوال المفسّرين وقال : «وهذا الحكم فيمن اكره بالنطق على الكفر ، وأمّا الإكراه على فعل هو كفر كالسجود للصنم ، فاختلف هل تجوز الإجابة إليه أم لا؟
فأجازه الجمهور ، ومنعه قوم.
وكذلك قال مالك : لا يلزم المكره يمين ، ولا طلاق ، ولا عتق ، ولا شيء فيما بينه وبين الله ، ويلزمه ما كان من حقوق الناس ، ولا تجوز الإجابة إليه ، كالإكراه على قتل أحد ، أو أخذ ماله» (١).
أقول : سيأتي بيان ما جرى للإمام مالك بن أنس (ت / ١٧٩ ه) من لدن خلفاء بني العباس بسبب إفتائه في يمين المكره وقوله في ذلك : ليس على مكره يمين ، في الفصل الثاني من هذا البحث وذلك في بيان مواقف الصحابة والتابعين وغيرهم من التقية ، وسترى هناك كيف قد كلّفته هذه الفتيا كثيراً.
وقال تاج الدين الحنفي (ت / ٧٤٩ ه) : «من اكره على الكفر ، ولفظ به ، وقلبه
__________________
(١) تفسير ابن جُزي محمّد بن أحمد الكلبي : ٣٦٦.