وليس كذلك إذا كانت الحال ما ذكرتم ، لأنّه مع تجويزه أن يكون قد أخذ من غيره ، لا يحصل (١) له العلم ، فيعلم أنّه لم يتكامل (له شروط دلالته) (٢) ، فينفصل عنده من الحجّة ، كانفصال سائر الأدلّة من الشّبه.
ثمّ قال : قيل له : قد بيّنا أنّ علم المكلّف بأنّه حدث عند ادّعاء النبوّة ، (على خلاف العادة) (٣) ، يكفي في صحّة الاستدلال.
وبيّنا أنّ العلم الّذي سأل عنه ، لو كان شرطا لكان لا يتمّ الاستدلال بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، إلّا بعد أن يعلم أنّ حدوث ذلك لا يجوز أن يكون بالانتقال (٤).
فإذا لم يجب ذلك ، وصحّ الاستدلال بها لمن لم يخطر (ذلك له) (٥) بالبال ، فقد بطل كون هذا العلم شرطا.
على أنّ هذا العلم لو كان شرطا ، لم يخل من أن يكون طريقه الاضطرار أو الاستدلال :
فإن كان طريقه (٦) الاضطرار فيجب أن يكون له طريقة يعلم عندها ، ولا طريق يشار إليه يعلم عنده أنّ القرآن لم يظهر إلّا على الرّسول صلىاللهعليهوآله عند ادّعائه النبوّة ، وأنّه لم يظهر على أحد من قبل.
وكذلك فلا يصحّ فيه الاستدلال ؛ لأنّه لا دليل يدلّ على أنّه لم يظهر إلّا عليه ، كما يدلّ الفعل (٧) على أنّه من قبل فاعله ؛ لأنّ ذلك إنّما يصحّ فيه لما كان فعله حادثا من قبله ، فعلم أنّه لم يحدث إلّا منه بالدّليل الّذي نذكره في هذا الباب.
والقرآن ؛ فليس من فعله على الحدّ الّذي يكون معجزا ، فكيف يمكن أن يستدلّ
__________________
(١) هكذا في المغني ، وفي الأصل : يجعل.
(٢) في المغني : شرط دلالته.
(٣) في المغني : على وجه ينفصل ممّا جرت العادة بمثله.
(٤) في المغني : زيادة : وأن يزيل هذه الشّبهة».
(٥) في المغني : له ذلك.
(٦) من المغني.
(٧) في المغني : الفصل.