عليه ، لأنّ على ما سأل (١) عنه ، إذا صحّ في هذه الأمور أن يحدث من الملائكة ، وجوّز قبل السّمع أن يفعلوا ذلك ويريدوا الفساد ؛ فيجب أن يكون ذلك قدحا في العادة ، وكونها جارية على حدّ واحد من الحكيم (٢).
ولو صحّ ذلك لما علمنا العادات ، فيما يختصّ تعالى بالقدرة عليه أيضا ؛ لأنّا لا نرجع (٣) في كلّ ذلك إلّا إلى طريقة واحدة».
الكلام عليه
يقال له : إنّك بدأت (٤) بالسّؤال الّذي أوردته على نفسك ابتداء صحيحا ، ثمّ ختمته بما أفسدت به السّؤال جملة ، وطرّقت لنفسك كلاما تشاغلت به عن الفرض المهمّ الّذي يدار الخلاف عليه.
وقد قلنا فيما تقدّم : إنّ حركة الفلك وطلوع الشّمس ـ مع التّجويز الّذي ذكرناه ـ لا يدلّان (٥) على النّبوّة كما لا يدلّ غيرهما ، وأنّ العلّة في الجميع واحدة.
إلّا أنّا لم نقل ذلك من حيث لم يدلّ على النّبوّة عندنا إلّا ما لا يجوز وقوع جنسه إلّا منه تعالى ، حتّى يكون جوابك لنا عنه : أنّك ثبت في فصل مفرد أنّ ما يدخل جنسه تحت مقدور العباد يجري مجرى ما لا يقدرون على جنسه ، في باب الدّلالة إذا كان خارقا.
وإنّما أبطلنا دلالة ما ذكرته على النّبوّة من الوجه الّذي تقدّم وتكرّر ، وهو أنّا لا نأمن أن يكون من فعل من يجوز أن يصدّق الكذّاب ، ولو أمنّا من ذلك لدلّ عندنا ، وإن كان جنسه مقدور العباد ، فقد صحّ أنّ التشاغل وقع بما لم ترده ، ولا يجدي نفعا.
__________________
(١) في المغني : سألت.
(٢) في المغني : الحكم.
(٣) في الأصل : نرجع ، وما أثبتناه من المغني.
(٤) في الأصل : بدّلت ، والمناسب ما أثبتناه.
(٥) في الأصل : لا بد لأن يدلّ ، وما أثبتناه هو المناسب.