به على أنّه لم يظهر على غيره ، مع أنّه لا بدّ من القول بأنّه حدث من قبل غيره؟ وإذا لم يصحّ حصول العلم من الوجهين ، فكيف يصحّ أن يجعل شرطا ، مع أنّ كونه شرطا يبطل كونه معجزا ، وقد سلّم السّائل أنّه معجز في الأصل؟».
الكلام عليه
يقال له : قد بيّنا بطلان ما ظننته من التباس الحجّة بالشّبهة ، وأوضحنا كيفيّة التمييز بينهما ، مع تجويز ما ألزمناك أن تجوّزه.
وقد مضى الكلام أيضا سالفا في أنّ الذي اخترته واقتصرت عليه من وقوع الفعل على خلاف العادة غير كاف في الدّلالة على النبوّة ، واستقصيناه.
وكذلك الكلام في دلالة (١) إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، وميّزنا الوجه الذي تكون هذه الأفعال عليه دالّة على النّبوّة ، مع تجويز الانتقال على الحياة ، من الوجه الذي لا يدلّ معه لأجل هذا التّجويز. ولم يبق إلّا أن نبيّن الطّريق إلى العلم بأنّ القرآن لم يظهر على غير من علمنا (٢) ظهوره من جهته ؛ لأنّا قد سلّمنا لك أنّه يمكن أن يكون معجزا على الوجه الذي يدّعيه ، فلا بدّ من أن نبيّن ما يمكن أن يعلم به اختصاصه بمن ظهر عليه ، وإلّا بطل تقدير كونه معجزا على كلّ وجه.
وإن كنّا لا نحتاج في نصرة مذهبنا إلى شيء من هذا ؛ لرجوعنا في الدّلالة على النّبوّة إلى ما يعلم حدوثه في الحال ، ولا يمكن فيه التّقديم.
ويمكن أن يعلم القرآن وأمثاله من الكلام [على] ما ذكرناه من وجهين :
أحدهما : أن يكون متضمّنا من الأخبار لما يعلم مطابقته لأحوال من ظهر عليه ، وقصصه والحوادث في أيّامه ، فيعلم أنّه المختصّ به دون غيره.
__________________
(١) في الأصل : دلة ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : علمناه ، وما أثبتناه مناسب للسياق.