على جمعهم (١) مثله ، لقد كان ذلك معجزا ، لكن المعجز كان منعهم (٢) من ذلك ؛ لأنّ الخارج عن العادة ، دون تمكّنه صلىاللهعليهوآله ممّا فعله ، لأنّ ذلك معتاد. ومن سلك هذا المسلك في القرآن ، يلزمه ألّا يجعل (٣) له مزيّة البتّة.
على أنّ ذلك يبطل بنصّ (٤) القرآن ؛ لأنّه تعالى قال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٥).
ولو كان الوجه الّذي له تعذّر عليهم المنع ، لم يصحّ ذلك ؛ لأنّه لا يقال في الجماعة (٦) إذا امتنع عليها الشيء : إنّ بعضها يكون ظهيرا لبعض ؛ لأنّ المعاونة والمظاهرة (٧) إنّما تمكن مع القدرة ، ولا تصحّ مع المنع والعجز» (٨).
الكلام عليه
يقال له : لسنا نذهب في الصّرف إلى أنّه المنع من الكلام ، والّذي نذهب إليه فيه قد ذكرناه وأوضحناه. ولو لا أنّ كلامك هذا على من ذهب إلى (٩) أنّ القوم منعوا من الكلام يمكن أن يطعن به طاعن فيما نذهب إليه لتجاوزنا عنه ، ولم نتشاغل بالكلام عليه. وبطلانه واضح على كلّ وجه ؛ لأنّا قد بيّنا فيما مضى الكلام على من ألزم إطلاق القول بأنّ القرآن ليس بمعجز ، وشرحناه.
فأمّا إلزامنا أن لا يكون له مزيّة ، إذا كان العلم المعجز في الحقيقة غيره فليس
__________________
(١) في المغني : جميعهم.
(٢) في المغني : لكان المعجز منعهم.
(٣) في الأصل : جعل ، وما أثبتناه من المغني.
(٤) في المغني : بعض.
(٥) سورة الإسراء : ٨٨.
(٦) في الأصل : الجملة ، وما أثبتناه من المغني.
(٧) في الأصل : المطابقة ، وما أثبتناه من المغني.
(٨) في المغني : العجز والمنع.
(٩) في الأصل : على ، والمناسب ما أثبتناه.