المشي فيتعذّر عليكم. فإذا وجدوا (١) الأمر كذلك دلّ على نبوّته ، لكون هذا المنع على هذا الوجه ناقضا للعادة».
الكلام عليه
يقال له : أمّا صورة مذهبنا في الصّرفة فقد ذكرناها في صدر هذا الكتاب وشرحناها ، وبيّنا أنّ الله تعالى إنّما يصرف عن المعارضة بأن يفقد من رام تعاطيها في الحال العلم بالفصاحة ، ولا يمكن معه المعارضة ، وإن كان متى لم يقصدها لم يفقد هذه العلوم.
ودللنا على أنّ العلوم الّتي يمكن معها معارضة القرآن ـ بما يقاربه في الفصاحة ويخرجه عن أن يكون خارقا لعادة العرب بالفصاحة (٢) ـ قد كانت موجودة في القوم ، ومعتادة لهم.
فأمّا إطلاق القول على القرآن بأنّه معجز وليس بمعجز ، فقد مضى أيضا ما فيه مشروحا ، وأوضحنا ما يتعلّق في هذا الباب بالمعنى وما يرجع إلى العبارة ، وأنّ الشّناعة المقصودة لا تلزم ، وتتوجّه على من قال : «إنّ القرآن ليس بمعجز» ، يعني أنّ البشر يتمكّنون من مساواته أو مقاربته ، وأنّه لا حائل بينهم وبين ذلك. أو بمعنى أنّه لا حظّ له في الدّلالة على نبوّة النّبيّ صلىاللهعليهوآله.
فأمّا من نفى عنه ما ذكرناه ، وقال : إنّه ليس بمعجز بنفسه ولا خارق للعادة بفصاحته ، لكنّه يدلّ على ما هو المعجز في الحقيقة ، ويسند إلى الأمر الخارق للعادة ، فلا شناعة عليه.
وليس يجب إذا كان المنع عن المعارضة هو العلم على الحقيقة ، ألّا يقع التحدّي بالقرآن ، كما ظنّ صاحب الكتاب ؛ لأنّه لو لا التّحدّي بالقرآن وقصور
__________________
(١) في المغني : وجد.
(٢) في الأصل : بفصاحة ، والمناسب ما أثبتناه.