في الشّاهد ؛ فكان يجب أن لا يدلّ ظهور الشّعر والخطب ممّن يختصّ بهما على تقدّم في العلم ، بأن يجوّز أنّ ذلك قد كان حادثا ، وأنّ المختصّ به لم (يبتدئ به) (١) ، بل أخذه عن غيره ، وهذا يطرّق باب الجهالات في دلالة الفعل على أحوال الفاعلين.
يبيّن ذلك : أنّه قد ثبت أنّ إحياء الموتى حادث لا محالة من قبله تعالى ، وأنّ نقل الجبال وقلب المدن ، إلى ما شاكلهما (٢) قد يجوز ، بل نقطع على حدوثهما من قبل من ادّعى النّبوّة. ولم يمنع ذلك من كونه دالّا ، للوجه الّذي ذكرناه ، وهو أنّه ممّا قد علم أنّه لو لا صدقه في ادّعاء النّبوّة لما ظهر ، وإن خالف حالهما حال إحياء الموتى.
وكذلك فلو جعل دليل نبوّته أنّه يمتنع على النّاس القيام والقعود ، أو يتّفق من العالم تصديقه ، والخضوع له عند أدنى (٣) وهلة ، لكان ذلك يدلّ (٤) كدلالة إحياء الموتى من الوجه الّذي بيّناه.
وإن كانت الحال مختلفة ، فبعض ذلك حادث من قبله تعالى (٥) وبعضه يكشف عن تغيير أحوال العقلاء في الدّواعي (٦) ، إلى غير ذلك.
فكذلك القول في ظهور القرآن : أنّه يجب أن يكون دالّا ، وإن لم يعلم المفكّر أنّه ابتدأه ، أو ابتدأ في الحال ؛ لأنّ حاله ـ وهو كذلك ـ كحاله وإن كان مبتدأ في الوقت ، كما أنّ حال نقله الجبال عن قدرته كحاله لو كان القديم تعالى فعله».
الكلام عليه
يقال له : قد أطلت السّؤال والجواب معا بما لا محصول. واعتمدت على
__________________
(١) في المغني : ينشده.
(٢) في الأصل : شاكلها ، وما أثبتناه من المغني.
(٣) في المغني : أوّل.
(٤) من المغني.
(٥) في هذا الموضع من المغني زيادة : وبعضه يكشف عن أمر قد حدث من قبله.
(٦) في المغني : الدعاوي.