حادثا إذا تلاه التّالي فهو في حكم الباقي ، فإذا جاز) (١) فيه أن يكون في حكم الباقي وفي حكم الحادث ، فيجب أن تدلّوا على أنّه في حكم الحادث ، ليتمّ الاستدلال لكم به على النّبوّة.
وبعد ، فإنّكم تقولون في القرآن ما يمنع أن يكون حادثا في حال ظهوره على الرّسول صلىاللهعليهوآله عندكم ، لأنّكم تزعمون أنّه تعالى أحدثه جملة واحدة في السّماء ، وأنّ جبريل عليهالسلام كان ينزله على النّبيّ صلىاللهعليهوآله بحسب الحاجة إليه ، فكيف يصحّ أن تقدّروه تقدير الحادث ، وأنتم تصرّحون القول بأنّه ممّا تقدّم حدوثه ، فإذا كان ذلك حاله عندكم فكيف يدلّ على نبوّته عليهالسلام؟
ثمّ قال : قيل له : إنّ المعتبر في هذا الباب أن (٢) يظهر عند ادّعائه النّبوّة ما لو لا صحّة نبوّته لم يكن ليظهر ، فمتى كان الأمر الّذي يظهر عليه بهذا الصّفة صحّ كونه دالّا على النّبوّة.
يبيّن ذلك أنّ ما يظهر عند ادّعائه فقد كان يجوز أن يظهر لو لا صحّة نبوّته لا يجوز أن يكون دالّا ؛ فإذا كان هذا طريق دلالة المعجزات ، وهو قائم في القرآن كقيامه في إحياء الموتى وما شاكله ، فيجب أن تكون دلالة الجميع لا تختلف ، من حيث لم يختلف طريق دلالته.
ومتى لم نقل بهذه الطريقة لم يصحّ الاستدلال بالمعجزات. وهذا كما نقوله في دلالة المحدث على الفاعل أنّه يعتبر فيه وقوعه بحسب أحواله ، على وجه لو لاه لم يقع ؛ فمتى علمنا ذلك من حاله دلّ ، وإن اختلف أحواله وأجناسه ؛ فكذلك إذا علمنا من حال الأمر الظاهر على مدّعي النبوّة أنّه حادث عند دعواه ، على وجه لو لاه ولو لا صحّة نبوّته لما ظهر ، فيجب أن يكون دالّا. واختلاف أحواله لا يؤثّر في هذا الباب.
يبيّن ذلك : أنّه لو كان المعتبر بأن يتقدّم العلم بحال ذلك الأمر الظّاهر لوجب مثله
__________________
(١) من الهامش ، مع علامة التصحيح ، وليست في المغني.
(٢) في الأصل : بأن ، وما أثبتناه من المغني.