في أنّ الاختصاصين لا فرق بينهما ، وقد بيّنا أنّ بينهما فرقا واضحا.
قال صاحب الكتاب (١) :
«[فإن قال] (٢) : فإنّي أقدح بذلك في كونه معجزا أصلا.
فأقول (٣) : إذا كان لا ينفصل حاله ـ وقد حدث من حاله ، وقد كان من قبل حادثا ـ فيجب أن لا يكون دليلا على النّبوّة ، وأن يكون الّذي يدل (٤) عليها ما يعلم في الحال أنّه حادث ، كإحياء الموتى وقلب العصا حيّة ، دون الأمور الّتي يجوز فيها ما ذكرناه.
وهذا كما قلتم : إنّ تعلّق الفعل بفاعله إنّما يدلّ على حاجته إليه ، وحدوثه من قبله ، متى علم أنّه حادث. فأمّا إذا (٥) لم يعلم ذلك لم يصحّ كونه دالّا.
وكذلك القول في المعجز ، إنّه لا بدّ من إثبات حادث عند دعواه من قبله تعالى يحلّ محلّ التّصديق ؛ فإذا كان الأمر الّذي يظهر يجوز أن لا يكون في حكم الحادث ، فيجب أن لا يصحّ الاستدلال به ؛ أو لستم قد فصلتم بين دلالة القيام والقعود على حاجتهما إلى محدث ، وبين حمرة موضع الضّرب وخضرته بأن قلتم : إنّ ذلك حادث ، فصحّ أن يدلّ؟
وهذا ليس بواضح (٦) ، وإنّما يظهر بعد كون (٧) ، فلا يصحّ أن يدلّ ، فيجب مثل ذلك في المعجز.
فإن قلتم : إنّ القرآن حادث في الحقيقة ، في حال ظهوره على النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهو خارج من الباب الّذي ظننتم.
قيل لكم : إنّه ـ وإن كان حادثا ـ فهو في حكم الباقي ، كما أنّه الآن (وإن كان
__________________
(١) المغني في أبواب التوحيد والعدل ١٦ / ١٦٨ ـ ١٧٠.
(٢) من المغني.
(٣) في المغني : وأقول.
(٤) في المغني : دلّ.
(٥) في المغني : فاذا.
(٦) في المغني : بواقع.
(٧) في المغني : كمون.