فصل
في أنّ القرآن لم يعارض
الكلام في هذا الباب يقع في موضعين :
أحدهما : مع من يدّعي أنّ القرآن قد عورض بمعارضة محفوظة منقولة ، ويومئ إلى كلام مسيلمة ، أو ما جرى مجراه ممّا سنذكره.
والموضع الآخر : مع من يقول : جوّزوا وقوع المعارضة ، وإن لم تكن محفوظة ولا معلومة ، ويدّعي أنّ نقلها ـ لو كانت واقعة ـ غير واجب ، أو يدّعي حصول موانع عن نقلها. والكلام على الوجه الثّاني أهمّ وأوسع ، ونحن نقدّمه.
فنقول : إنّ القرآن لو عورض لوجب نقل المعارضة والعلم بها ؛ لأنّ ظهورها في الأصل واجب ، والحاجة إلى نقلها ماسّة ، والدّواعي متوفّرة ، والعهد قريب.
وإنّما يجيز وقوع الشّيء وإن لم ينقل ، اختلال (١) هذه الشّروط الّتي ذكرناها فيه ، أو بعضها.
فأمّا إذا تكاملت فلا بدّ من النّقل ، ولهذا قال المتكلّمون : إنّ معارضة القرآن لو وقعت لجرت في النّقل مجرى القرآن ، بل زادت عليه ؛ لأنّ جميع ما يقتضي نقل
__________________
(١) في الأصل : لاختلال ، والمناسب ما أثبتناه.