الكلام عليه
يقال : ما نسألك عن السّؤال الّذي أوردته على نفسك ، ولا نعتلّ بما حكيته ، ونحن نعلم شدّة حرصك على أن يعتلّ مخالفك بما ذكرته ؛ لتنتهز الفرصة في مقابلته بمثله (١) في الموضع الّذي وقع الخلاف فيه!
ولا شيء أضعف وأظهر بطلانا من التّعلّق بمنع الله تعالى في الموضعين جميعا ؛ لأنّه إيجاب عليه تعالى ما لا وجه لوجوبه.
قال صاحب الكتاب (٢) :
«فإن قال : إنّ الباب في جميع ذلك واحد عندي (٣) ، في أنّه يجب ألّا يدلّ على النّبوّات ، وإنّما يدلّ عليها ما لا يجوز حدوثه إلّا منه تعالى.
قيل له : قد بيّنا في باب مفرد أنّ ما يدخل (٤) جنسه في مقدور العباد ، إذا وقع على وجه لم تجر العادة بمثله ، فحلّ (٥) محلّ ما لا يدخل جنسه تحت مقدورهم ، إنّما يدلّ (٦) على النّبوّة لخروجه في الحدوث عن طريق (٧) العادة ؛ ولهذا الوجه لا يدلّ حدوث الثّمار وخلق الولد في الأرحام على النّبوّات ، ويدلّ على ذلك إحياء الموتى.
فإذا صحّ ذلك ، ووجدت هذه الطّريقة فيما يقدرون عليه في الجنس ـ إذا حدث على وجه مخصوص ، نحو تغيّر الأفلاك في حركاتها ، والشّمس والقمر في مطالعها ، إلى غير ذلك ـ فيجب أن يكون دالّا على النبوّات.
على أنّ هذا القول يوجب أن لا تعتبر (٨) العادات إلّا فيما يختصّ تعالى بالقدرة
__________________
(١) في الأصل : مثله ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٢) المغني ١٦ / ١٧٥.
(٣) في الأصل : واحد في جميع ذلك عندي.
(٤) في المغني : يدلّ.
(٥) في الأصل : يحلّ ، وما أثبتناه من المغني.
(٦) في المغني دلّ.
(٧) في الأصل : طريقة ، وما أثبتناه من المغني.
(٨) في الأصل : يغير.