فصل
في أنّ تعذّر المعارضة كان مخالفا للعادة
إذا ثبت بما قدّمناه تعذّرها فليس يمكن أن يدّعى دخول التّعذّر فيما جرت العادة بمثله ، إلّا بأحد الوجوه الّتي ذكرناها ، مثل قولهم : إنّه كان أفصحهم ، أو تعمّل للقرآن فتأتّى (١) منه ما تعذّر عليهم. أو منعهم عن المعارضة بالحروب. أو امتنعوا منها خوفا من أصحابه ونصّاره ، من حيث كانت قوّة الدولة ، واجتماع الكلمة يحسمان ويمنعان من استيفاء الحجج ، والتّصرّف فيها عن الاختيار.
وهذا الوجه الأخير خاصّة يمكن أن يجعل قدحا في ثبوت الدّواعي إلى المعارضة ، من حيث كانت هذه الأمور المذكورة ـ إذا صحّت ـ غيّرت أحوال الدّواعي ، فلحق بالفصل المتقدّم ، وإن كان لحوقه بهذا الفصل من حيث أمكن أن يجعل ما ذكر كالمانع من المعارضة.
فإذا أبطلنا هذه الوجوه لم يكن وراءها إلّا أنّ التّعذّر كان على وجه يخالف العادة ، وحينئذ يعود الأمر إلى الأقسام الّتي ذكرناها في صدر هذا الكتاب وأبطلناها ، عدا القول بالصّرفة منها ، ونحن نتكلّم على ما أوردناه من الوجوه :
__________________
(١) في الأصل : فيأتي ، والمناسب ما أثبتناه.