فصل
في الدّلالة على وقوع التّحدّي بالقرآن
المعتمد في تحدّيه صلىاللهعليهوآله بالقرآن حصول العلم لكلّ عاقل سمع الأخبار وخالط أهلها بذلك ، على حدّ حصوله بظهوره عليه وآله السّلام بمكّة ، وادّعائه النّبوّة ودعائه النّاس إلى نفسه ، إلى أمثال ما ذكرناه من أحواله الظّاهرة المعلومة.
ولا فرق بين من أنكر بعضها وأظهر الشّكّ فيه وبين من أنكر جميعها ؛ لأنّ طريق العلم بالكلّ للعقلاء متّفق غير مختلف.
والواجب أن نعلم مرادنا بذكر التّحدّي الّذي ندّعي وقوع العلم به على هذا الوجه ولكلّ أحد ؛ فإنّ كثيرا ممّن نفى العلم به وأظهر الشكّ فيه يقدّر أنّا نريد بالتحدّي [معنى] مخصوصا ، ولفظا يتضمّن التبكيت والتعجيز والمطالبة بفعل مثل القرآن مسموعا.
وليس مرادنا ذلك ، والّذي نريده ونحيل على العقلاء في العلم به وارتفاع الشّكّ فيه ، ما هو معلوم من قصده والظّاهر من حاله أنّه عليه وآله السّلام كان يحتجّ بالقرآن ويدّعي من جهته الإبانة والمزيّة ، وأنّ الله تعالى خصّه به وأيّده بإنزاله ، وينتظر نزول الوحي به ، وهبوط جبرئيل عليهالسلام بالشيء منه بعد الشيء. وهذا ممّا لا يمكن أحدا دفعه ، ومن دفعه قام مقام الدافع لسائر ما عددنا.