[مذهب جماعة المعتزلة]
[إعجاز القرآن في نظمه]
أمّا المذهب الذي حكاه أبو القاسم البلخيّ (١) عن جماعة المعتزلة ، وقوّاه ونصره من أنّ نظم القرآن وتأليفه يستحيلان من العباد ، كاستحالة إحداث الأجسام ، وإبراء الأكمه والأبرص. ولو لا ذلك لجاز أن يلحق هذا القول بالمذهب الأوّل ، وإن كان لم يصرّح به ؛ لأنّ من بدأنا بذكرهم لا يمتنعون من القول بأنّ القرآن غير مقدور للعباد ، على التأويل الصّحيح. وهم أيضا يدفعون أن يكون هناك منع ، أو عجز عن المعارضة ـ حسب ما حكى أبو القاسم ـ غير أنّ التأكيد بالمقال الّذي ذكره يمنع من ذلك (٢).
والّذي يبطل هذا المذهب : أنّ القرآن لا نظم له ولا تأليف على الحقيقة ، وإنّما
__________________
(١) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد الكعبيّ البلخيّ ، أصله من بلخ ـ مدينة في خراسان القديمة وافغانستان الحاليّة ـ عاش ببغداد وتتلمذ بها على أبي الحسين الخيّاط مدّة طويلة. يعدّ من منظّري المعتزلة وأئمّتها ، له آراء خاصّة وتلاميذ وأتباع عرفوا باسم (الكعبيّة) ، وله مصنّفات في الدفاع عن مذهبه وآرائه. توفّي ببلخ سنة ٣١٧ أو ٣١٩ ه.
(٢) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٤٠٠ : «وأمّا مذهب البلخيّ فباطل ؛ لأنّه قال : إنّ نظم القرآن وتأليفه مستحيلان من العباد ، كاستحالة إحداث الأجسام ، وإبراء الأكمه والأبرص».