وجه يلتبس (١) حاله بحال من يظهر نفس المعجز عليه ؛ لأنّ هذا أدخل في المفسدة والتنفير».
الكلام عليه
يقال له : قد دللنا على أنّ النّاظر في دلالة ما يجري مجرى الكلام ـ الذي يتأتّى فيه النقل والحكاية ـ على النّبوّة ، لا بدّ من أن يكون آمنا من ظهور ذلك على غير من أتى به ، وأنّ هذا العلم لا بدّ من كونه شرطا في صحّة الاستدلال ؛ لأنّه متى لم يحصل الثّقة بأنّ الله تعالى هو الّذي خصّه به جوّز (٢) النّاظر أن يكون اختصاصه على جهة الاستفساد من فاعل يجوز أن يفعل القبيح ، وأجرينا ذلك مجرى العلم بأنّ الفعل الظّاهر على مدّعي النّبوّة خارج عن مقدور البشر ومجرى العلم بأنّ القديم تعالى غنيّ لا يجوز أن يختار فعل القبيح ، في أنّهما يشرطان في صحّة الاستدلال بما يظهر على النبوّة ، لا دافعان للشّبهة عند خطورهما بالبال.
ولا فرق بين من دفع في العلم الأوّل ـ الّذي ذكرنا (٣) كونه شرطا ـ وأنزله منزلة ما يدفع الشّبهة عند ورودها ـ وإن كان فقده غير مخلّ بصحّة الاستدلال ـ وبين من قال بمثل ذلك في العلمين (٤) الآخرين.
وقد (٥) مضى الكلام أيضا في أنّ من جوّز على الحياة الانتقال بفاعل غير الله تعالى لم يصحّ استدلاله بها على النبوّة ، كما لا يصحّ استدلاله لو كان مجوّزا حدوثها بغيره عزوجل ؛ فلا معنى لتكراره ـ بتكرار صاحب الكتاب ـ التعلّق به مرّة
__________________
(١) من المغني ، وفي الأصل : تلبيس ، وسيرد في آخر المبحث «يلتبس».
(٢) في الأصل : وجوّز ، والظاهر ما أثبتناه.
(٣) في الأصل : ذكرناه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٤) في الأصل : العالمين ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٥) في الأصل : فقد.