فكذلك قد دلّ على أنّ (١) ما ذكرناه في الشّمس والفلك ، قد يجوز أن يقدر عليه الملك ؛ فإذا كان ذلك لا يقدح (٢) في دلالتها (٣) على النّبوّة من الوجه الّذي ذكرناه ، فكذلك (٤) في القرآن ، فقد بطل ما سأل عنه».
الكلام عليه
يقال له : لا فرق بين ما ذكرته من حركة الشّمس في خلاف جهتها ، وحركة الأفلاك على غير عادتها إذا جوّزنا ، فرجع ذلك [بين] أن يكون من مقدور الملائكة وبين ما يظهر على مدّعي النّبوّة من الكلام الّذي يجوز أن يكون من مقدورهم ، في أنّ جميعه لا يدلّ على النّبوّة إلّا بعد العلم بأنّ الملائكة لم تعص في فعل ذلك ، على سبيل الاستفساد ؛ لأنّ العلّة في كلّ واحدة.
وكيف ظننت أنّا نقول في حركة الأفلاك بخلاف ما قلناه في القرآن ، حتّى اعتمدت وجعلت أصلا فعل من لا خلاف عليه ، ولا نزاع فيما قرّره؟
ولست تخلو فيما ادّعيته من دلالة حركة الأفلاك على النّبوّة ـ مع التجويز الّذي ذكرناه ـ من أن يسند إلى ضرورة أو إلى استدلال ، وما نظنّك تدّعي في ذلك الاضطرار ؛ لأنّك تعلم أنّ الفرق بين ما يدلّ على النّبوّة وما لا يدلّ إلّا لا يعلم إلّا بدقيق النّظر وشديد التعب ، فلم يبق إلّا الاستدلال الّذي كان يجب أن نذكر وجهه ، لينتظم الوصفين معا.
ثمّ يقال له : أيمكن النّاظر أن يستدلّ بما ذكرته من حركة الأفلاك وطلوع الشّمس ، مع تجويزه وقوع ذلك من فعل البشر ، وكونه من جملة مقدوراتهم؟
__________________
(١) من المغني.
(٢) في الأصل : لا يقدم ، وما أثبتناه من المغني.
(٣) في الأصل : دلالتهما ، وما أثبتناه من المغني.
(٤) من المغني.