اعترفت بأنّه لا بدّ من أن يأمن وقوعه من فاعل للقبيح ، فقد تمّ ما أردناه.
وسنتكلّم على فساد ما اعتمده ـ من إيجاب المنع من ذلك على الله تعالى ـ ونبيّن أنّه لا وجه لوجوبه فيما بعد ، بمشيئة الله تعالى.
قال صاحب الكتاب (١) ، بعد كلام قد تقدّم منّا إبطال ما فيه من شبهة :
«فإن قال : إنّ المفكّر إذا جوّز ذلك ، (وأن تكون نقلت ذلك) (٢) إلى الرّسول صلىاللهعليهوآله ، على وجه لا يدلّ [على النّبوّة] (٣) بل إرادة للمفسدة ، لأنّه يجوز أن يكون من فعل الملائكة ، وأنّ عادتهم جارية بهذا الحدّ من الفصاحة ، وإن كانوا يعصون ويجوز منهم الاستفساد. فكيف يصحّ مع هذا التجويز أن يقولوا إنّ الاستدلال به يصحّ؟
ثمّ قال : قيل له : قد بيّنا أنّ ما هو عادة للملائكة قد يكون نقضا للعادة فينا. وقد صحّ أيضا أنّ نقل الملائكة الشيء إلى واحد دون آخر ، من باب نقض العادة (٤) من الوجهين ، فلا يقدح (٥) ذلك في دلالته على النّبوّة ، ولو كان ذلك يقدح في دلالة النّبوّة لوجب لو ادّعى النّبوّة وجعل الدّلالة على نبوّته طلوع الشّمس من مغربها ، بل حركة الأفلاك على خلاف عادتها وحصل ذلك ، ألّا يمكن الاستدلال به على النّبوّة ؛ لتجويز المفكّر أنّ ذلك من فعل بعض الملائكة ؛ لأنّ العقل (٦) كما دلّ على أنّ مثل القرآن قد (يجوز أن) (٧) يقدر عليه الملك ،
__________________
(١) المغني ١٦ / ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٢) في المغني : زيادة : ولم يتقدّم منه أنّ الملائكة لا تعصي ، جوّز أنّها نقلت إلى الرسول.
(٣) من المغني.
(٤) في الأصل : للعادة ، وما أثبتناه من المغني ، وبعدها في المغني : فيعلم المفكّر أنّ ذلك يتضمّن نقض العادة من الوجهين ، وهذه الزيادة ليست في الأصل.
(٥) في الأصل : ولا تقدم ، وما أثبتناه من المغني.
(٦) في الأصل : الفعل ، والمناسب أثبتناه من المغني.
(٧) ليست في المغني.