الفعل من الله تعالى (١) يقع بحسب مقاصد العبد ، وأن لا يدلّ على ما ذكرتموه من وجوب وقوعه بحسب مقاصده ، على أنّه لو (٢) فعله ينبغي أن يبطل التجويز (٣) بطريق الدّلالة ؛ لأنّ التّجويز شكّ وإمكان ، فكلاهما لا يقدح في الدّليل. وكذلك القول فيما ذكرناه من حال القرآن».
الكلام عليه فنقول وبالله التوفيق :
إنّ الواجب ، قبل مناقضته ، بيان مقدّمة موجزة فيما يحتاج المعجز إليه من الشرائط ، ليتكامل دلالته على صدق المدّعي :
وأحد شروط المعجز : أن يكون من فعل الله تعالى.
والثاني : أن يكون ناقضا للعادة الّتي تختصّ من ظهر فيهم.
والثالث : أن يخصّ الله تعالى به المدّعي النبوّة على وجه التّصديق لدعواه. وإن شئت أن تختصر هذه الجملة ، فتقول :
المعجز هو : «ما فعله الله تعالى تصديقا لمدّعي النبوّة» فيشتمل كلامك على جميع ما تقدّم.
وإنّما لم يدخل في جملة الشّروط أن يكون ممّا يتعذّر على الخلق فعل مثله ، إمّا في جنسه ، أو في صفته المخصوصة ؛ لأنّ الشّرط الأوّل الّذي قدّمناه لا يمكن العلم بثبوته إلّا بعد العلم بأنّه ممّا يتعذّر على الخلق فعل مثله ؛ وإلّا فلا سبيل إلى القطع على أنّه فعل الله تعالى وتقديم (٤) الشّرط الأوّل يغني عنه.
فأمّا ما يلحقه قوم بشروط المعجز من كونه واقعا في حال التكليف ، احترازا من الطّعن بما يوجد في ابتداء وضع العادات ، وبما يفعل مع زوال التّكليف عند
__________________
(١) في المغني : من الفاعل.
(٢) ليست في المغني.
(٣) في المغني : نبطل هذا التجويز.
(٤) في الأصل : بتقديم ، والمناسب ما أثبتناه.