يعلم (١) أوّلا أنّ هذا القرآن لم يظهر في السّماء على ملك ، أو في الأرض على نبيّ أو غيره (٢) ، وخفي أمره ثمّ جعله صلىاللهعليهوآله دلالة على نبوّته (٣) ؛ لأنّ هذا الجنس من الشّبه ـ ما لم يخطر (بالبال) (٤) ـ لم يجب التّشاغل به.
ولا يمتنع (٥) على كلّ حال من العلم بأنّه صلىاللهعليهوآله قد اختصّ بالقرآن (اختصاصه بالرّسالة وبالدّعوى ، إلّا ما قد عرفناه ؛ لأنّه إن أحدث) (٦) في السّماء على ملك ، فالاختصاص لا يصحّ إلّا على هذا الوجه. ولا يجوز أن يطلب في الاختصاص ما لا يمكن أكثر منه ، وهذا كما نقوله في تعلّق الفعل بالفاعل ؛ لأنّه لا يمكن فيه أكثر من وجوب وقوعه بحسب أحواله ، فمتى طالب المطالب فيه بأزيد من هذا التعلّق (٧) فقد طلب المحال (٨) ، لأنّا إن قلنا (فيه : إنّه) (٩) : يجب كوجوب المعلول فيه عن العلّة إلى ما شاكله ، كان ذلك ناقضا للفعل والفاعل بطريق (١٠) إثباتهما.
فكذلك القول في القرآن ، لأنّا نعلم أنّه لو لم يحدث إلّا عند ادّعاء النبوّة ، ما كان يكون له من الحكم إلّا ما قد عرفناه ، فإذا كان لو كان حادثا لدلّ على النّبوّة ، فكذلك [متى] (١١) جوّز (١٢) خلافه ، فيجب أن لا يقدح في كونه دالّا ، بل يجب إبطال التّجويز بحصول طريقة الدلالة ، كما أوجبنا على من قال : جوّزوا أنّ
__________________
(١) في المغني : نعلم.
(٢) في المغني : نبيّ غيره.
(٣) في المغني : دلالة النبوّة.
(٤) ليست في المغني.
(٥) في المغني : يمنع.
(٦) في المغني : «لأنّه إذا علم هذا الاختصاص الذي لا يمكن غيره قد حصل المراد. وقد علمنا أنّه لا يمكن في القرآن اختصاص بالرسول وبالدعوى ، إلّا ما قد عرفناه ، لأنّه إن لم يحدث إلّا في تلك الحال لم يصحّ في الاختصاص غيره».
(٧) في المغني : المتعلّق.
(٨) في المغني : طالب بالمحال.
(٩) من المغني.
(١٠) في المغني : وطريق.
(١١) من المغني / ١٦٨.
(١٢) في المغني : جوّز فيه.