أشراط السّاعة ، فهو كالمستغنى عنه ، وإن كان لذكره على سبيل الإيضاح وإزالة الإيهام وجه ؛ لأنّ ما يقع في ابتداء العادات ليس ينقض لعادة متقدّمة ، فخروجه عمّا شرطناه واضح.
وما يقع بعد زوال التكليف إنّما يحصل بعد ارتفاع حكم جميع العادات مستقرّا ، وفي الموضع الّذي انتقضت فيه عادة ثبتت أخرى واستقرّ حكمها ، وهذا كلّه زائل بعد التكليف.
على أنّ نقض العادة لا يدلّ على النّبوّة إلّا مع تقدّم الدّعوى ، حسب ما تضمّنه الشرط الثالث. وما يقع في ابتداء الخلق وبعد زوال التكليف ، لم يقع مطابقا لدعوى تقدّمت ، فلا يجب أن يكون دالّا ، ولم يثبت فيه الشّرط الّذي مع ثبوته يكون انتقاض العادة دالّا.
والّذي له قلنا : «إنّ المعجز يجب أن يكون من فعله تعالى» أنّه متى لم يثبت ذلك لم نأمن أن يكون من فعل بعض من يجوز أن يفعل القبيح ويصدّق الكذّاب ، فيخرج من أن يكون دالّا.
ولأنّ دعوى متحمّل الرّسالة متعلّقة بالله تعالى ، ومن جهته يلتمس التّصديق والدّلالة ، فيجب أن يقع التّصديق والإبانة ممّن تعلّقت الدّعوى به والتمس التّصديق من جهته. ألا ترى أنّ أحدنا لو ادّعى على غيره أنّه رسوله ومخبر عنه بما حمله ، والتمس منه أن يصدّقه ، لم يجز أن يدلّ على صدقه إلّا ما وقع ممّن تعلّقت الدّعوى به دون غيره من النّاس ؛ فكذلك القول في المعجز.
فأمّا الوجه في كونه ناقضا للعادة ، فهو : أنّه من لم يكن كذلك لم يعلم أنّه مفعول لتصديق المدّعي ، بل جوّز أن يكون واقعا بمجرى العادة ، ولا تعلّق له بالتّصديق. ولأنّ الفعل لو دلّ ـ مع كونه معتادا ـ على التّصديق لم يكن بعض الأفعال المعتادة بذلك أولى من بعض ، فكان يجب لو جعل مدّعي النّبوّة العلم على صدقه طلوع