لم يبق تحت أدلة الحج إلا الفرد الذي ليس فيه ضرر وهو شاد نادر لا يصح استعمال تلك الأدلة فيه فلذا قدمنا أدلة الضمان وخصصنا أدلة (لا ضرر) بها. وأما ان كانت أدلة لا ضرر أخص منها قدمت أدلة لا ضرر عليها لتقديم الخاص على العام كما لو قلنا إن أوامر الاطاعة تكليفية فان أدلة (لا ضرر) تكون أخص منها. وأما ان كانت بينها وبين أدلة (لا ضرر) عموم من وجه كما هو الحال في أدلة (لا ضرر) مع أدلة الصوم والوضوء والحج ونحوها فانها تجتمع في الصوم المضر وكما في البيع للمعيب فان أدلة البيع تقتضي لزوم البيع وأدلة لا ضرر تقتضي عدم لزومه فالظاهر هو تقدم أدلة (لا ضرر) على الادلة الاجتهادية سواء كانت تكليفية أو وضعية لكون أدلة (لا ضرر) حاكمة على أدلة التكاليف لأنها تشرح وتبيّن مقدار مدلولها وتفسر المراد منها وان المجعولات الشرعية ليست توجب الضرر نظير حكومة أدلة نفي الشك لمن كثر شكه على أدلة احكام الشكوك ويرشدك الى كونها حاكمة انها واردة في مقام المنة في رفع التكاليف الضررية وهذا إنما يكون فيه منة لو كانت أدلة التكاليف تثبت الاحكام في موارد الضرر حتى يكون رفعها عنها بقاعدة (لا ضرر) فيه منة وانما يتحقق رفعها بها لو كانت حاكمة عليها وإلا فهي لا تصلح لتخصيصها لأنها أعم منها من وجه. مضافا الى ان لسانها مبين ان التكاليف ليست بثابتة في مورد الضرر وهو معنى الحكومة لأن الحكومة تكون بشرح مقدار دلالة الدليل عموما أو خصوصا وهذه أدلة القاعدة تشرح وتبين بمداليلها اللفظية ان التكاليف غير ثابتة في مواردها الضررية على أنّا لو قدمناها على أدلة لا ضرر لم يبق (للا ضرر) مورد وان بقي فهو شاذ نادر فليس بين القاعدة وبين أدلة الاحكام الشرعية تعارض حتى يحتاج الى إعمال الترجيح