بالعمل فالمنفي في هذه القاعدة الشريفة هو الحكم الفعلي دون الواقعي. ولا يخفى ما فيه فانه خلاف ظاهر الادلة من نفي الحكم المستلزم للضرر مضافا الى أنّ الحكم الضرري مع بقائه يكون هو الذي اوقعه في الضرر لأن الفعلية انما تكون له لا لحكم آخر والأولى ان يقال ان أدلة (لا ضرر) حيث انها واردة في مقام المنة ففي العبادات لو أتى العبد بالمضر منها جهلا بالضرر لا منة في رفع حكمها لأن رفعه يستدعي قضاءها أو اعادتها وفي ذلك كلفة على العبد ولذا نسب الى الفقهاء صحة العبادات المضرة مع الجهل بضررها واما المعاملات لو اتى العبد بالمضر منها جهلا بالضرر فمن المنة ارتفاع حكمها وبطلانها ولذا ذهب الفقهاء الى بطلان المعاملة مع الجهل بالعيب أو الغبن وقد تقدم في المقام الثامن في صحة العبادات الضررية سواء علم بضررها أو جهل وصحة المعاملات الضررية مع العلم بضررها ما ينفعك في هذا المبحث.
المقام الثالث عشر في قبول قاعدة لا ضرر للتخصيص : ـ
ان قاعدة نفي الضرر هل هي من القواعد غير القابلة للتخصيص المسماة باصول المذهب مثل الحر لا يكون عبدا أو هي من القواعد القابلة للتخصيص المسماة بالقواعد العامة كقاعدة حليّة البيع أو هي من القواعد التي يرتفع موضوعها بالدليل. المسماة بالاصول العملية كقاعدة البراءة الحق هو الثاني لأنها قابلة للتخصيص وورودها في مقام الامتنان لا يمنع من تخصيصها اذ لعل ذلك المورد الذي فيه الضرر من المنة ثبوت الحكم فيه كالجهاد وليست من الاصول العملية لأنها تقدم على الادلة الاجتهادية لكونها حاكمة عليها.