والجهاد ونحوهما فهي ليس من الضرر بل يحصل الضرر بتركها لأنها فيها من المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد ما يوجب عدم كونها ضررا ألا ترى إن العرف والعقل لا يرى اصلاح ذات البين ضررا وان كلف القائم به العناء الكثير وهكذا شرب الدواء والفصد والحجامة لا ذهاب الداء ليس من الضرر وان تألم الانسان منه أو بذل فيه المال لما يترتب على ذلك من المصالح ودفع المفاسد فالمذكورات أغلبها من هذا القبيل فان الجهاد فيه رفع مستوى البشرية وانقاذها من أيدي العتاة المردة. والحج فيه الجمع بين أهل الجدة من المسلمين للتعارف فيما بينهم وللتفاهم فيما يرفع مستواهم في إخلاص نية وتوجه نحو الله عزوجل. والضمانات والديات والقصاص ونحوها انما شرعت لدفع الفساد وإزالة الظلم والعدوان فلا يلزم التخصيص للقاعدة بالأكثر لأن أغلب المذكورات لم يكن فيها ضرر والباقي منها على تقدير وجوده فهو قليل جدا لا يضر تخصيص القاعدة به. على إنا لو سلمنا أنّ المذكورات بأجمعها فيها ضرر واضعافها مثلها فالتخصيص بها ليس بتخصيص بالأكثر فان نسبتها الى الاحكام الشرعية نسبة القطرات الى البحر والذرات الى التراب فقاعدة (لا ضرر) تشمل سائر الأضرار في متعلقات الاحكام الشرعية من دون مخصص لها سوى المذكورات ونحوها وهي أقل القليل من الباقي تحتها.
المقام السادس في تعارض قاعدة لا ضرر
ان التعارض في قاعدة لا ضرر على أقسام : ـ
أحدها أن يقع التعارض بين ادلتها وبين أدلة القواعد التي في مرتبتها ولا حكومة لها عليها كقاعدة الحرج كما لو كان تصرف المالك في ملكه مضرا بجاره مع ان منعه من التصرف في ملكه حرج