الشرع الاسلامي سواء كان المكلف عالما بالضرر أو شاكا فيه أو معتقدا للخلاف فيكون الضرر من الموانع الواقعية للحكم الشرعي من غير فرق بين العبادات والمعاملات فلو فرض ان المكلف كان عالما بعدم تضرره بالغسل وبالصوم وفي الواقع كان يتضرر بهما كان التكليف بهما بمقتضى أدلة نفي الضرر مرتفع. فانّ ظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (لا ضرر) هو تسليط النفي على الواقع فلا بد أن يكون المراد منه انه ليس حكم في الدين فيه ضرر في الواقع سواء كان المكلف عالما بالضرر أو ظانا به أو شاكا فيه خلافا للمحكي عن الشيخ الانصاري حيث ذهب الى ان المنفي هو الحكم الذي يكون فيه الضرر معلوما لا مجهولا بحيث لو فرض المكلف معتقدا لعدم تضرره بالوضوء أو الصوم مثلا فتوضأ ثم انكشف أنّه تضرر به فدليل نفي الضرر لا ينفي الوجوب الواقعي للوضوء المذكور. مستدلا على ذلك بان ظاهر أدلة (لا ضرر) ان الشارع لم يوقع العبد في الضرر بسبب حكمه الشرعي ولا ريب أنّ الحكم الفعلي المنجّز هو الذي يوقع العبد في الضرر واما الحكم الثاني فلا يوقع العبد في الضرر لأنه لا يوجب بعث العبد نحو العمل بخلاف الفعلي المنجّز فانه هو الذي يبعث العبد نحو العمل. وعليه فلا ضرر انما تقتضي انتفاء الحكم الفعلي بالعمل المستلزم للضرر لانه هو الذي يوقع العبد في الضرر ولا تقتضي انتفاء الحكم الشّأني بالضرر لانه لا يوقع العبد في الضرر. وعليه فاذا كان العبد عالما بالضرر كان الشارع قد نفى الحكم عليه بذلك. العمل لأن الحكم المذكور لو وجد كان باعثا للعبد نحو الضرر واما اذا لم يكن عالما بالضرر كان الحكم المتعلق بالعمل شأنيا وهو غير باعث نحو العمل فلا يكون مرفوعا هذا الحكم ويكون باقيا على حاله وانما يكون الباعث له هو تخيل الحكم