إليها سأل بعضهم بعضا عمّن فعل هذا بها ، واتّهموا إبراهيم فأحضروه وسألوه ، كما ورد في التنزيل : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا) [الآية ٦٢] فقال لهم : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) (٦٣) ، فكادوا يصدّقونه ، لأنّه كان قد وضع فأسا بين يديه ؛ ولكنّهم عادوا فذكروا له أنّها لا تنطق ، فكيف يسألونها عمّن كسّرها؟ وهنالك قامت له الحجّة عليهم بإقرارهم ، فوبّخهم على أنهم يعبدون ما لا ينفعهم شيئا ، ولا يضرّهم ؛ فعلموا أنه الذي كسّرها ، وأوقدوا له نارا ليحرقوه فيها ، فلمّا ألقوه فيها ، جعلها الله بردا وسلاما عليه ، ونجّاه ولوطا ابن أخيه إلى أرض فلسطين ، ووهب الله جلّ جلاله له إسحاق ويعقوب نافلة ، وجعلهم صالحين ؛ فكانوا أئمة يهدون بأمره تعالى ، ويخلصون العبادة له.
ثم ذكر أنه آتى لوطا (ع) علما ، ونجّاه من القرية التي كانت تعمل الخبائث ، وأدخله في رحمته لصلاحه واستقامته.
ثمّ ذكر سبحانه أنه استجاب لنوح (ع) حينما نجّاه وأهله من الغرق ، ونصره على كفّار قومه فأغرقهم أجمعين.
ثم ذكر أنه آتى داود وسليمان (ع) العلم والفهم ، وأنّ غنما دخلت كرما فأتلفته ، فشكا صاحب الكرم صاحب الغنم إلى داود ، فقضى بالغنم لصاحب الكرم ، لأنه لم يكن هناك تفاوت بين ثمنهما ؛ وقضى سليمان بتسليم الغنم لصاحب الكرم ، لينتفع بها إلى أن يصلح صاحبها كرمه ؛ وكان هذا الحكم هو الأرفق بهما ؛ ثم ذكر أنه سخّر لداود الجبال والطير ، وعلّمه صنعة الدروع ، وسخّر لسليمان الريح والشياطين.
ثمّ ذكر أنه استجاب لأيّوب (ع) حين ناداه أنّه قد مسّه الضرّ ، فكشف عنه ضرّه ، وآتاه أهله ومثلهم معهم.
ثمّ ذكر إسماعيل وإدريس وذا الكفل (ع) وأنهم كانوا من الصّابرين ، وذكر ذا النون (ع) وأنّه ناداه وهو في بطن الحوت ، فاستجاب له ، ونجّاه من الغمّ الذي كان فيه.
ثم ذكر زكريّا (ع) حينما شكا إليه ، أنه لا ولد له ، فوهب له يحيى (ع) ، وأصلح له زوجه ، لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعونه رغبا ورهبا.
ثمّ ذكر مريم التي أحصنت فرجها ، فنفخ فيها من روحه ، وجعلها وابنها آية للعالمين.