أطوف بها لا أرى غيرها |
|
كما طاف بالبيعة الرّاهب |
فجعل «الراهب» بدلا من «ما» ، كأنّه قال «كالذي طاف» وتقول العرب : «إنّ الحقّ من صدّق الله» أي : «الحقّ حقّ من صدّق الله».
وقال تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧) يقول : «من تعجيل من الأمر ، لأنّه سبحانه قال : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠] فهذا العجل كقوله تعالى : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل / الآية الأولى] وقوله سبحانه (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧) فإنّني (سَأُرِيكُمْ آياتِي) [الآية ٣٧].
وقال تعالى : (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) [الآية ٣٠] باعتبار أن السماوات والأرض صنفان ، كنحو قول العرب (١) «هما لقاحان سودان» وفي كتاب الله عزوجل (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) [فاطر : ٤١] وقال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد الخمسون بعد المائتين] :
رأوا جبلا فوق الجبال إذا التقت |
|
رؤوس كبيريهنّ ينتطحان (٢) |
فقال «رؤوس» ثم قال «ينتطحان» وذا نحو قول العرب «الجزرات» و «الطرقات» فيجوز في ذا ، أن تقول : «طرقان» للاثنين «وجزران» للاثنين. وقال الشاعر (٣) [من الكامل وهو الشاهد الحادي والخمسون بعد المائتين] :
وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم |
|
خضع الرّقاب نواكسي الأبصار |
والعرب تقول : «مواليات» و «صواحبات يوسف» فهؤلاء قد كسروا فجمعوا «صواحب» ، وهذا المذهب يكون فيه المذكّر «صواحبون» ونظيره «نواكسي». وقال بعضهم «نواكس» في موضع جرّ ، كما تقول «جحر ضبّ خرب».
وقال تعالى : (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ
__________________
(١). نقله في إعراب القرآن ٢ : ٦٧١ ، والجامع ١١ : ٢٨٢.
(٢). ورد عجزه في الخصائص ٢ : ٤٢١ ، والخزانة ٢ : ٢٠١ ؛ وورد بتمامه في ٢٠٢ بلفظ «رأت» بدل «رأوا».
(٣). هو الفرزدق همّام بن غالب. ديوانه ١ : ٣٧٦ ، والخزانة ١ : ٩٩ ، والكتاب ، وتحصيل عين الذهب ٢ : ٢٠٧.