واختلال نظامه ، وانفراط عقده ، ويتمثّل ذلك في أمرين علويين وأمرين سفليين. أمّا الأمران العلويان ، فهما انفطار السماء وانتثار الكواكب ؛ وأمّا الأمران السفليان ، فهما تفجير البحار وبعثرة القبور.
[الآية ١] : إذا انشقت السماء وتغيّر نظامها ، فلم يبق نظام الكواكب على ما نرى ، وهذا عند خراب العالم بأسره ، قال تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) (٢٦) [الفرقان].
[الآية ٢] : وفي هذا اليوم تتساقط الكواكب وتتفرّق (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢) ، أي تساقطت متفرّقة ، والكواكب تجري الآن في أفلاكها بسرعات هائلة ، وهي ممسكة في داخل مداراتها لا تتعدّاها ، فإذا انشقّت السماء تبع ذلك سقوط الكواكب وانتثارها ، وذهابها في الفضاء بددا ، كما تذهب الذرّة التي تنفلت من عقالها.
[الآية ٣] : وفي هذا اليوم تزول الحواجز بين البحار ، فيختلط العذاب بالملح ، وتغمر البحار اليابسة ، وتطغى على الأنهار ، كما يحتمل أن يكون تفجيرها تحويل مائها إلى عنصريه : الأوكسجين والهيدروجين.
[الآية ٤] : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (٤) أي أثيرت وقلب أعلاها أسفلها ، وباطنها ظاهرها ، ليخرج من فيها من الموتى أحياء للحساب والجزاء.
[الآية ٥] : عند حدوث كل هذه الظواهر ، تعلم كل نفس ما قدّمت من الطاعات ، وما أخّرت من الميراث.
[الآيات ٦ ـ ٨] : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (٧) أي شيء خدعك حتّى ضيّعت ما أوجب عليك ربّك ، وصرت تقصّر في حقّه ، وتتهاون في أمره ، ويسوء أدبك في جانبه ، وهو ربّك الكريم الذي أغدق عليك من كرمه وفضله وبرّه ، فخلقك سويّا ، معتدل القامة ، متناسب الخلق ، من غير تفاوت فيه ، «فلم يجعل إحدى اليدين أطول ، ولا إحدى العينين أوسع ، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود» (١).
(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٨) أي
__________________
(١). تفسير النسفي ٤ / ٢٥٣.