لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٧) [الشورى].
[الآية ٢] : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٢) وأنت مقيم بهذا البلد ، يكرم الله تعالى نبيه محمدا (ص) ، الذي جعله خاتم المرسلين ، وأرسله هداية للعالمين ، وجعل مولده بمكّة ؛ وهذا الميلاد يزيد مكّة شرفا وتعظيما : لأن أفضل خلق الله يقيم بها ، ويحل بين شعابها ، ويتنقّل بين أماكنها داعيا الى دين الله ، حاملا وحي السماء ، وهداية الناس.
[الآية ٣] : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (٣) أقسم الله بآدم وذريته لكرامتهم على الله ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) [الإسراء / ٧٠] وقيل : كل والد ومولود ، «والأكثرون على أنّ الوالد إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، والولد محمد (ص) ، كأنه أقسم ببلده ثمّ بوالده ثمّ به».
[الآية ٤] : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤) (الكبد) : المشقّة والتّعب ، أي أوجدت الإنسان في تعب ومعاناة في هذه الحياة ، فهو في مشقة متتابعة (من وقت احتباسه في الرحم إلى انفصاله ، ثمّ إلى زمان رضاعه ، ثم إلى بلوغه ، ثمّ ورود طوارق السّرّاء وبوارق الضّرّاء ، وعلائق التكاليف ، وعوائق التمدّن والتعيّش عليه إلى الموت ، ثم إلى البعث ، من المساءلة وظلمة القبر ووحشته ، ثم إلى الاستقرار في الجنة أو النار ، من الحساب والعتاب والحيرة والحسرة) ونظير الآية قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٦) [الانشقاق] وقوله سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك / ٢].
[الآيات ٥ ـ ١٠] : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠). (لبدا) : أي كثيرا ، (النجدين) : الطريقين ، وهما طريقا الخير والشر.
روي أن هذه الآيات نزلت في بعض صناديد قريش ، الذين كان رسول الله (ص) ، يكابد منهم ما يكابد ، وهو أبو الأشدّ أسيد بن كلدة الجمحي ، وكان مغترّا بقوّته البدنيّة ، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة. وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في أحدهما أم في غيرهما فإنّ معناها عام.