أنه بالفعل يتنفّس ، ثم يجيء هذا التعبير ، فيصوّر هذه الحقيقة التي يشعر بها» (١).
[الآيات ١٩ ـ ٢٢] : وجواب القسم : أنّ هذا القرآن ، وهذا الوصف لليوم الآخر إنما هو قول رسول كريم ، وهو جبريل (ع) الذي حمل هذا القول وأبلغه ، فصار قوله باعتبار تبليغه. ويذكر صفة هذا الرسول الذي اختير لحمل هذا القول وإبلاغه ، فينعته بخمسة أوصاف هي :
١ ـ (كَرِيمٍ) (١٩) أي عزيز على ربّه.
٢ ـ (ذِي قُوَّةٍ) [الآية ٢٠] في الحفظ والبعد عن النسيان والخطأ.
٣ ـ (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (٢٠) أي ذي جاه ومنزلة عند ربّه.
٤ ـ (مُطاعٍ ثَمَ) [الآية ٢١] أي هناك في الملأ الأعلى ، عند الله في ملائكته المقرّبين ؛ فهم يصدرون عن أمره ويرجعون اليه.
٥ ـ (أَمِينٍ) (٢١) على وحي ربّه ورسالاته ، قد عصمه تعالى من الخيانة فيما يأمره به ، وجنّبه الزلل فيما يقوم به من الأعمال. هذه صفة الرسول المبلّغ وهو جبريل عليهالسلام ، أمّا الرسول الذي حمله إليكم وخاطبكم بالقرآن ، فهو صاحبكم الذي عرفتموه حق المعرفة عمرا طويلا ، وعرفتم عنه الصدق والأمانة ، وليس مجنونا كما تدّعون.
[الآية ٢٣] : ولقد رأى سيدنا محمد ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ، جبريل عليهالسلام ، وهو بالأفق الأعلى ، عند سدرة المنتهى بالأفق المبين ، أي رآه رؤية واضحة عند الأفق الواضح.
[الآية ٢٤] : وليس محمد (ص) بالمتّهم على القرآن ، وما فيه من قصص وأنباء وأحكام ؛ بل هو ثقة أمين لا يأتي به من عند نفسه ، ولا يبدّل منه حرفا بحرف ، ولا معنى بمعنى ، إذ لم يعرف عنه الكذب في ماضي حياته ، فهو غير متّهم في ما يحكيه عن رؤية جبريل (ع) ، وسماع الشرائع منه.
[الآية ٢٥] : وليس القرآن قول شيطان ، ألقاه على لسان محمد (ص) حين خالط عقله كما تزعمون ، فالشياطين لا توحي بهذا النهج القويم.
__________________
(١). سيد قطب ، في ظلال القرآن ٣٠ / ٤٨٢.