أمّا الأوّل : فلأنّ وجوب الأمر المردّد ثابت في الواقع ، والأمر به على وجه يعمّ العالم والجاهل ، صادر عن الشّارع واصل الى من علم به تفصيلا ، اذ ليس موضوع الوجوب في الأوامر مختصّا بالعالم بها ، وإلّا لزم الدّور ، كما ذكره العلّامة في التحرير ، لأنّ العلم بالوجوب موقوف على الوجوب فكيف يتوقف الوجوب عليه؟.
______________________________________________________
(امّا الأوّل) اي : وجود المقتضي (فلأنّ وجوب الأمر المردّد ثابت في الواقع) لفرض : انّا نعلم بوجوب أحد الأمرين ، لانّ المولى قال : ائت بالظهر ، أو ائت بالجمعة ـ مثلا ـ (والأمر به) اي : بالوجوب المردّد (على وجه يعمّ العالم والجاهل ، صادر عن الشّارع) فإنّ الأمر لا يخصّ العالم كما انّه (واصل الى من علم به تفصيلا) فانّ الجاهل انّما لا يعلم الخصوصية ، أمّا أصل الأمر فيعلم به تفصيلا فيتنجّز عليه.
وانّما قلنا بأن الأمر يعم العالم والجاهل (اذ ليس موضوع الوجوب في الأوامر مختصّا بالعالم بها) فانّ الأوامر والنواهي ليست مختصة بالعالمين بها ، وإنّما تعمّ العالمين وغير العالمين.
(والّا) بأن كانت مختصّة بالعالمين (لزم الدّور ، كما ذكره العلّامة) رحمهالله (في التحرير) وذلك (لأنّ العلم بالوجوب موقوف على الوجوب) نفسه ، اذ العلم بالشيء لا يمكن ان يكون بدون ذلك الشيء ، والّا كان جهلا مركبا ، لوضوح تبعية العلم للمعلوم (فكيف يتوقف الوجوب عليه؟) اي : على العلم به؟.
وإن شئت قلت : العلم بالتكليف متوقف على وجود التكليف ، فلو كان وجود التكليف متوقفا على العلم بالتكليف لزم الدّور.
لكن ربّما يقال : انّ هذا الدليل غير تام ، لأنّه يمكن رفع الدور بواسطة امرين