وأمّا الثاني ، فهو حاصل الدليل المتقدّم في المتباينين المتوهّم جريانه في المقام ، وقد عرفت الجواب ، وأنّ الاشتغال اليقيني إنّما هو بالأقل ، وغيره مشكوك فيه.
وأما الثالث ، ففيه أنّ مقتضى الاشتراك كون الغائبين والحاضرين على نهج واحد مع كونهما في العلم والجهل على صفة واحدة ، ولا ريب أنّ وجوب الاحتياط على الجاهل من الحاضرين فيما نحن فيه عين الدعوى.
______________________________________________________
(وأمّا الثاني) : أي : قاعدة الاشتغال (فهو حاصل الدليل) العقلي (المتقدّم في المتباينين) بتقريب : ان الأمر بالواقع المردد ثابت ، والمانع مفقود ، ولا يمكن الاتيان بالواقع المردد إلّا بالاتيان بالمتباينين معا (المتوهّم) ذلك الدليل (جريانه في المقام) أي : في الشك بين الأقل والأكثر.
هذا (وقد عرفت الجواب) عنه (وانّ الاشتغال اليقيني إنّما هو بالأقل ، وغيره) أي : غير الأقل وهو الأكثر (مشكوك فيه) فلا دليل من العقل على وجوب كل من الأكثر والأقل بعد جريان البراءة من الأكثر ، فليس المقام كالمتباينين ، إذ لا وجود للمقتضي فيه.
(وأما الثالث) : وهو أدلة اشتراك الغائبين مع الحاضرين في الأحكام (ففيه : انّ مقتضى) أدلة (الاشتراك : كون الغائبين والحاضرين على نهج واحد ، مع كونهما في العلم والجهل على صفة واحدة) يعني : ان الغائب الجاهل كالحاضر الجاهل ، والغائب العالم كالحاضر العالم سيّان في الحكم.
(ولا ريب انّ وجوب الاحتياط على الجاهل من الحاضرين فيما نحن فيه) أي : في الأقل والأكثر (عين الدعوى) إذ لا دليل على وجوب الأكثر للحاضر الجاهل حتى نقول : بأن الغائب يكون كالحاضر محكوما بالأكثر ، بل الحاضر