نعم ، لو كان الظاهر من الأخبار نفي العقاب المترتّب على ترك الشيء من حيث خصوص ذاته ، أمكن دعوى ظهورها فيما ادّعى ، مع إمكان أن يقال : إنّ العقاب على ترك الجزء أيضا من حيث خصوص ذاته ، لانّ ترك الجزء عين ترك الكلّ ، فافهم.
______________________________________________________
وعليه : فان مفاد هذه الأخبار هو نفي العقاب لمن يترك الواجب النفسي ، وترك الواجب الغيري يؤدي أيضا إلى ترك الواجب النفسي ، لان من لم يأت في الصلاة بجزء من أجزائها كان كتارك الصلاة نفسها ، فيصح التمسك بهذا الخبر لنفي وجوب الجزء ، وذلك امّا لأنه تارك للوجوب الغيري كما استقربناه ، أو أنه تارك للوجوب النفسي على ما ذكره شريف العلماء.
(نعم ، لو كان الظاهر من الأخبار) أي : أخبار البراءة (نفي العقاب المترتّب على ترك الشيء من حيث خصوص ذاته) أي : من حيث كونه واجبا نفسيا (أمكن دعوى ظهورها) أي : ظهور تلك الأخبار (فيما ادّعى) واستظهره شريف العلماء ، غير انك عرفت : ان الأخبار أعم من الواجب النفسي والواجب الغيري.
(مع امكان ان يقال : إنّ) الظهور المزبور أيضا لا ينفع شريف العلماء ، لأن (العقاب على ترك الجزء) يكون (أيضا من حيث خصوص ذاته) فان ترك الجزء أيضا ترك للواجب النفسي لما ذكره المصنّف بقوله : (لانّ ترك الجزء عين ترك الكلّ) إذ الوجوب النفسي منتشر على الأجزاء فكل جزء له حصة من الوجوب النفسي ، فيصح التمسك في نفي وجوبه بظهور أخبار البراءة في نفي العقاب المترتب على ترك الشيء بما هو هو.
(فافهم) فان شريف العلماء يريد بالوجوب النفسي : الوجوب النفسي الكلي ، لا الوجوب النفسي الجزئي ، الذي اكتسبه كل جزء جزء من ذلك الوجوب.